رضوان طالب

لا شيء ثابت في فرقة صابون كاران، سوى استمراريتها! مع كل التبدلات في الفريق، التحديات التي أخذناها على عاتقنا بخلق فرقة متعددة الثقافات، ومع كل الصعوبات التي نواجهها، أنا نفسي لا أصدق كيف أكملنا خمس سنوات من عمر الفرقة، انتجنا خلالها سبعة عروض مسرحية! لكنني لا أريد أن أتكلم هنا عن كل ذلك، بل عن الاستمرارية، عن مستقبل الفريق.

ينتهي العرض المسرحي، نحتفل بأكل الكثير من الطعام (متعدد الثقافات) مع البيرة الألمانية المغشوشة. وقد يسأل أحدهم „ماذا سنقدم في المرة القادمة؟“ وقد لا يسأل. وهذا كل شيء. يمضي كل إلى حياته الخاصة، حتى يرى رسالة مني في موبايله تقول „سنبدأ بروفات العمل الجديد“ أو „شتيفان قادم“ والأخيرة تعني وجود أجور للمثلين، مما يزيد حماسهم الموجود أصلاً للعمل حتى دون مقابل.

© Sabunkaran Theatre Group

طيب! كيف يمكن أن يستمر هذا الفريق، بالنظر إلى ما قلته حتى الآن؟ هذا هو السؤال الذي شغلني بعد آخر عرض قدمناه. فأزحت كل الأسئلة الأخرى جانباً. وكي لا أطيل سأذهب إلى التجربة الأولى في محاولتي الإجابة عن السؤال. مع بداية 2020 أطلقت سلسلة ورشات، شارك فيها بعض (المقاتلين القدماء) من الفريق، والكثير من الجدد المتحمسين للعمل معنا. تجاوز عددهم العشرين مشاركاً. فأنا لم أطلب ممثلين للمشاركة بالورشة، بل كل من يهتم بالعمل المسرحي، كتّاب، موسيقيون، ممثلون، مخرجون وحتى فنييون. طبعاً لم نحصل على كل هذا التنوع، لكننا بدأنا.

تفاجأ الجميع حين أخبرتهم في بداية الورشة، بأني لست هنا كي „أعلّمهم“، بل إن هدفي الأول كمدير فرقة كان التعارف، والتشبيك. مع توالي الورشات، كنت أدفع باتجاه واحد „لا تنتظروا أحداً ليُخرج لكم عرضاً، بل قدموا عروضكم. قدموا أفكاركم وسنعمل معاً على تحويلها إلى مشاريع وعروض“. كان يفصل بين الورشة الأولى والثانية شهر، وبطلب من المشاركين، المتحمسين لهذه الآلية الجديدة والمغرية، توالت الورشات بفارق 15 يوماً، وكانوا يطلبون المزيد من الأيام والساعات، إلا أنني قد أخبرتهم بأن الورشة الرابعة ستكون الأخيرة. قبل انقضائها، كان قد تشكل فريق صغير وبدأ أولى بروفاته فعلاً، على نص لـ جبران خليل جبران. وكان النقاش مستمراً بين مشاركين آخرين دفعتهم للتفكير بعروض قصيرة لـ (مسرح الشارع). المشروع الثالث الذي نتج عن الورشات، بدأ بمناقشة فكرة التعاون بين الفرقة، وإحدى جامعات السليمانية، لتقديم عروض قصيرة باللغة الإنكليزية، بناءً على وجود ثلاثة مشاركين من تلك الجامعة.

كان يجب أن تنتهي هذه المشاريع مع بداية الصيف، حيث نجتمع مجدداً لعرض سأخرجه أنا، قبل أن نعمل مجدداً مع شتيفان وباولو في الخريف. وبذلك نكون قد وضعنا برنامجاً للعام كله، قبل أن يوقف (كورونا) كل شيء. لكن كورونا سيرحل بالطبع. وسنعود بنشاط وحماس أكبر.

قلت للأب ينس، رئيس دير مريم العذراء، بعد نهاية الورشات، „سوف أحوّل هذه الفرقة إلى مؤسسة“. هكذا ستستمر الحياة فيها طويلاً مهما تبدلت الظروف وتغيّر الأشخاص. الأب ينس نفسه لديه أحلام جميلة. قد بدأ فعلياً بالتخطيط لواحد منها، أن يبني مسرحنا! مسرح صابون كاران! وقد بدأت أحلم معه، مسرح مستقل! مؤسسة مسرحية! ملتقى للفنانين…

لم لا؟ أليست كل الأشياء العظيمة تبدأ بحلم!

رضوان طالب: كاتب وممثل ومخرج مسرحي من سوريا. وهو المدير الفني لفرقة صابون كاران منذ عام 2016

© Sabunkaran Theatre Group